ولد هيلاريون كابوتشي
سنة 1922. رجل دين مسيحي سوري ولد في حلب، أصبح مطرانًا لكنيسة الروم الكاثوليك في
القدس عام 1965. عُرف بمواقفه الوطنية المعارضة للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وعمل
سرًا على دعم المقاومة واعتقلته سلطات الاحتلال في آب 1974 أثناء محاولته تهريب أسلحة
للمقاومة وحكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن 12 عامًا، أفرج عنه بعد 4 سنوات بواسطة الفاتيكان،
وطرد من فلسطين في تشرين الثاني 1978. وهو يعيش حتى اليوم في المنفى في روما.
وقد كرَّمته السودان بطابع
بريد يحمل صورته، وهنا يجب ان نذكر ونذكّر ان النجم السينمائي الكبير محمود المليجي
تقمص شخصية المطران كابوتشي في احد أفلامه الشهيرة. ونشر المناضل والشاعر الراحل داوود
تركي شعرًا مخصصًا للمطران معبرًا عن تقديره واحترامه العظيمين له.
في شباط 2009 كان المطران
كابوتشي على متن سفينة الإغاثة التي كانت تحمل
الأمتعة والغذاء لأهالي غزة المحاصرين على يد السلطات الإسرائيلية وتم مصادرة كل ما فيها وطرد كل من تواجد هناك إلى لبنان.
وأيضًا كان المطران من
ضمن المتضامنين مع الشعب الفلسطيني في أسطول الحرية على متن "مرمرة" في أيار عام 2010.
قصة اعتقاله: كان كابوتشي
وهو عربي من مواليد مدينة حلب السورية وفيما بعد من سكان القدس الشرقية، حيث كان أعلى
شخصية كاثوليكية عربية وتبين ان المنصب الديني الذي تقلده لم يمنعه من الخوض في مجال
تهريب الأسلحة للمقاومين الفلسطينيين مستغلا وضعه الخاص.
وفي أعقاب المعلومات الجديدة
هذه أصبح جهاز الأمن العام يراقب كابوتشي ويتتبع تحركاته، واتضح بفضل إجراءات التتبع
هذه يوم 8 آب 1974 أن سيارته المحملة بالمتفجرات تسير بظروف مثيرة للشبهة باتجاه القدس
وإن كابوتشي نفسه ومساعده يستقلانها، وتقرر إيقاف السيارة فورًا خشية انفجار المتفجرات
بداخلها سواء عمدًا أو عقب حادث اعتباطي مما قد يؤدي إلى نتائج كارثية.
وهكذا تم، ونقلت السيارة
ومن فيها إلى مركز الشرطة في حاكورة المسكوبية - القدس، حيث تم في ورشة السيارات تفكيكها
وتفتيشها مما أدى إلى اكتشاف "غنائم" كثيرة منها 4 رشاشات كلاشينكوف ومسدسات
وعدة طرود تحتوي على متفجرات بلاستيكية وصواعق كهربائية وقنابل يدوية وما إلى ذلك.
وعند التحقيق معه أنكر
كابوتشي بداية ضلوعه في عملية التهريب مدعيًا بأنه تمّ نقل الوسائل القتالية إلى سيارته
دون علمه. غير ان مغلفًا عُثر عليه لدى تفتيش امتعته كُتب عليه بخطّه رقم المسؤول الفتحاوي
أبو فراس في لبنان، اثبت ضلوعه في هذا المخطط وبالتالي اعترف كابوتشي بأنه تلقى في
نيسان سنة 1974 من أبو فراس حقيبتين ونقلهما بسيارته إلى الضفة الغربية، حيث أخفاهما
كما أوعز إليه داخل مدرسة الكنيسة اليونانية الكاثوليكية في بيت حنينا.
وروى كابوتشي أيضًا انه
طُلب منه في شهر تموز من العام نفسه نقل وسائل قتالية أخرى ثم إخفائها في أماكن مختلفة
داخل سيارته لكن - كما سلف – تم ضبط السيارة عند اعتقاله وكانت هذه نهاية القضية. وتمت
محاكمة كابوتشي وفُرضت عليه عقوبة السجن لمدة 12 عامًا، لكن أفرج عنه في تشرين الثاني
1977 بطلب من قداسة البابا. وعلى الرغم من وعود حاضرة الفاتيكان وبخلاف تعليماتها إليه
فقد أصبح كابوتشي من دُعاة القضية الفلسطينية في أنحاء العالم.
من سيرة المطران كابوتشي
وقصته البطولية والمؤثرة مع المقاومة الفلسطينية نستنتج مدى تفاعل وانخراط معظم أبناء
الأمة العربية على مختلف انتماءاتهم الدينية والجغرافية مع النضال الفلسطيني العادل
والمشرّف، فهنا يدور الحديث عن شعب سُلب حقّه على مرأى ومسمع من جميع دول العالم، وهذا
هو السبب الذي أشعل الغضب في نفوس كل الشرفاء من وطننا العربي وأوطان العالم، فنضال
هؤلاء الشرفاء والمخلصين مع شعبنا الفلسطيني لن يتوقف في يوم من الأيام وسيستمر من
جيل إلى جيل طالما بقي الحق الفلسطيني مسلوبًا ومغتصبًا، وأسماؤهم ستبقى نجومًا تتلألأ
في سماء نضالنا الفلسطيني مع مناضلي شعبنا أمثال فهد القواسمة، بسّام الشكعة والشيخ
الجليل ربحي الشرباتي وغيرهم العديد والعديد من المناضلين.
في النهاية ما أود الوصول
إليه، ان سيرة هذا المناضل الشهم والجليل المطران كابوتشي يتبقى حافزًا لاستيقاظ الهمم
والانخراط في النضال الفلسطيني العادل والمشرّف.
